ا
المؤرخين والأثريين حول هذا الموضوع فمنهم من قال انه
١- أمنحوتب أول مهندس عرفته البشرية وهو وزير زوسر
كان وزيرًا عاش في عهد الملك زوسر مؤسس الأسرة الثالثة وصاحب أول هرم في التاريخ، نظرًا أن صفات أمحوتب والتي تعنى القادم في سلام، تتطابق وصفات النبى الكريم من ذكاء وتواضع وصدق وإخلاص، وإلمام بكافة أفرع المعرفة، فكان مهندسًا وطبيبًا وشاعرًا وعالمًا في حركة الكواكب والنجوم.
كما يعتمد الباحثون لهذا التصور على أن هناك مجاعة كبرى سجلتها البرديات الفرعونية، حلت بمصر وفلسطين وبلاد الشام في عصر الملك زوسر، وهذا ما يتفق ورؤية يوسف التي ذكرها القرآن الكريم، كما ربط هؤلاء الباحثون بين اللغط الدائر حول جثة سيدنا يوسف حتى الآن وبين اختفاء جثة "أمحوتب" صاحب فكرة تخطيط هرم زوسر المدرج.
تأييد الدكتور زاهي حواس لهذا الرأي
وهو الأمر الذي يتفق مع رأي الأثرى الكبير الدكتور زاهى حواس، في أحد مقالاته عن حياة نبى الله يوسف في مصر، إذ يؤكد أن الأدلة التاريخية تشير إلى أن لقب " ملك" أو " نيسو " باللغة المصرية القديمة، كان يطلق على الحكام المصريين حتى بداية عصر الدولة الحديثة وتحديدًا أخناتون - أول ملك أطلق عليه "فرعون" أو "برعو" أي ساكن القصر العظيم-،لافتا إلى أن هذا لا يتعارض مع النص القرآنى الذي ذكر لقب " ملك " وليس "فرعون " كما هو الحال في قصة سيدنا موسى في القرآن الكريم.
وأوضح «حواس» أن فترة الدولة القديمة ضربها عدد من المجاعات التي وصلت إلى فلسطين والشام في آسيا، فضلا أن جدران المعابد سجلت السبع بقرات، في رمزية إلى تأويل سيدنا يوسف لحلم عزيز مصر، مضيفًا أن الأدلة الأثرية، أشارت إلى أكثر من مجاعة ضربت مصر في عصورها القديمة والوسطى، وكذلك بلاد الشام وفلسطين، وأحيانًا كان الجفاف يعم منطقة الشرق الأوسط كله، وكان بدو هذه المناطق يأتون إلى مصر ليأخذوا من الحبوب التي اختزنها يوسف لمثل هذه الأيام الصعبة.
٢- اخناتون
حاول عدد كبير من الباحثين الأجانب والمستشرقين في دراستهم لحياة النبي الكريم في مصر، التقارب بينه وبين " أمنحتب الرابع " أو " أخناتون " كما أطلق على نفسه، كونه أول ملك نادي بالتوحيد في مصر، واتخذ من تل العمارنة عاصمة جديدة له بعيدًا عن طيبة " الأقصر" مركز عبادة الإله "آمون رع" إله الشمس.
فيما يتجه فريق آخر إلى أن يوسف عليه السلام، ليس أخناتون وإنما عاش في عصره، إلى أن بلغ 111 عاما، وأنه أتى إلى مصر في سن السابعة عشرة من عمره ضمن بعض الغلمان الذين بيعوا كرقيق لقصر الملك آنذاك وكان من المقربين له.
وتشير الدراسات التاريخية إلى أن مصر تعرضت في عهد أخناتون لمجاعتين في عامين متتاليين، أمتدت إلى فلسطين وبلاد الشام، وأن يعقوب عليه السلام، انتقل إلى مصر عندما بلغ يوسف من العمر الخامسة والخمسين، وأن " الصديق توفي في مصر ودفن فيها، إلا أنه أوصى إخوته قبل وفاته أن ينقلوا رفاته إلى أرض كنعان – فلسطين حاليًا -.
أوجه رفض هذا الرأي
وهو الرأي الذي يختلف معه الدكتور رمضان عبده أستاذ التاريخ القديم بجامعة عين شمس، في دراسة له حول الفترة التي عاصرها نبى الله يوسف، باعتبار أن القرآن الكريم لقب الحاكم الذي عاصره يوسف عليه السلام بالملك، وأن هذا اللقب لم يعرف في مصر قبل عهد " تحتمس الثالث " وكان أخناتون أول من لقُب بـ "فرعون".
يأتي رفض بعض الباحثين المسلمين لهذا الاتجاه نظرًا إلى أن ملامح وجه أخناتون التي جسدتها التماثيل الفرعونية تؤكد أنه لم يكن على قدر كبير من الوسامة والجمال، وهو ما يتناقض تمامًا مع قصة سيدنا يوسف، والوصف القرآني له ولجماله الذي فتن امرأة العزيز وراودته عن نفسه ومن بعدها الاميرات المصريات.
٣- أنه لم يعرف من هو لكن عاش في فترة الهكسوس
رجح أغلب المؤرخين العرب، أن العصر الذي عاش فيه سيدنا يوسف كان في عصر الملوك الرعاة الآسيويين " الهكسوس "، إذ يقول الدكتور إبراهيم مهران أستاذ التاريخ القديم بجامعة عين شمس، إن التوراة ذكرت في سفر التكوين أن يوسف عليه السلام كان يركب في العربة الثانية مع الملك، في إشارة إلى أن المصريين لم يعرفوا العربات كوسيلة نقل قبل عصر الملوك الرعاة وهم أول من أدخلوا عربات الحرب السريعة إلى مصر، لافتا إلى أن النقوش التاريخية على جدران المعابد لم تؤرخ لهذه العربات قبل عصر الهكسوس.
يعتمد "مهران" في دراسته أيضا على أن التقاليد الملكية المصرية القديمة كانت لاتسمح للأشخاص الأجانب بتقلد المناصب العليا والرفيعة في الدولة ولا يمكن أن يصلوا لمرتبة الوزراء، وإنما اقتصرت مهامهم على الرعي وتربية الأغنام كونهم من سكان الرمال كما ذكرت البرديات المصرية.
وذكر الباحث أن انحدار الهكسوس من أصول سامية شمالية آسيوية، فهم أقرباء للعبرانيين، أتاح ليوسف الفرصة للوصول إلى أعلى المناصب في الدولة، والترحيب ببنى يعقوب بعدئذ.
طمس آثار يوسف وتأييد الدكتور عطية القوصي لهذا الرأي
ويفسر عدد من الباحثين فقر التاريخ المصرى بالقرائن التاريخية التي تسجل الفترة التي عاصرها يوسف، إلى أنه عاش في عهد الملوك الرعاة – الهكسوس- الذي كان يمتاز بالغموض، فضلًا عن أن المصريين أمتنعوا عن تسجيل أي ذكرى لهذه العصور البغيضة باعتبار الهكسوس غزاة ومحتلين للأراضى المصرية وبخاصة الجزء الشمالى لها .
يقول الدكتور عطية القوصي، أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة القاهرة في إحدى دراساته، إنه من الراجح أن سيدنا يوسف عاش في عهد الملوك الرعاة من الهكسوس، وبعد أن تحررت مصر على يد أحمس الأول، قام ملك مصري جديد على عرش مصر لم يكن يعرف يوسف، كما جاء في سفر الخروج 1:8، استعبدوا بني إسرائيل بعنف وهم أبناء وأحفاد يوسف إخوته في مصر، ودمروا كل ما لديهم من بيوت وعمائر، وهو سبب رئيسي في عدم العثور على أي أثر يذكر اسم يوسف أو أحد من إخوته؛ نظرًا إلى أن المصريين الذين جاءوا بعد يوسف لم يكونوا يعرفون فضله في إنقاذ البلاد من المجاعة، وإنما اعتبروه واحدا من أعوان الملوك الرعاة الذين اغتصبوا عرش البلاد نحو 4 قرون من الزمان.
تأييد الدكتور عبد الرحيم ريحان لهذا الرأي
قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوجه بحري وسيناء لـ"العربية.نت"، إن دخول نبي الله يوسف مصر كان في عهد الأسرة السادسة عشرة أيام الملك "إبابي الأول" وهو المذكور في التوراة باسم "فوطيفار" عزيز مصر، وقد وجدت لوحة أثرية عبارة عن شاهد قبر ذكر فيه اسم "فوتي فارع"، كما استدل من بعض الآثار عن الأسرة السابعة عشرة على حدوث جدب في مصر قبل هذه الأسرة، وهو ما ذكر في القرآن الكريم والتوراة عن سنوات القحط وبالتالي فدخول نبي الله يوسف وأخوته مصر يكون أقرب لعام 1600 قبل الميلاد وفي عهد الهكسوس
إذن هذا الرأي هو الأرجح
أين عاش سيدنا يوسف ؟
ثار جدل كبير دار حول المكان الذي كان يقيم فيه #نبي الله يوسف في مصر، البعض قال إنه كان يقيم في منطقة كوم أوشيم بالفيوم جنوب غرب مصر، والبعض أكد أنه كان يقيم في منطقة الأقصر التي كانت تسمى طيبة، وتواجد فيها مقر الحكم ومقر إقامة الحاكم اخناتون، فيما رأى البعض الآخر أنه كان يقيم في منطقة إدفو بأسوان، لكن الحقيقة أنه أقام وعاش في منطقة أرض جوشن المسماة بوادي الطميلات وفي المسافة الممتدة بين محافظتي الشرقية و الإسماعيلية
أرض جوشن
قال الدكتور عبدالرحيم ريحان إن كلمة إسرائيل تعني عبد الله وذكرت في القرآن الكريم في الآية التي تقول "أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل" سورة مريم 58، وذكروا في القرآن باسم بني إسرائيل نسبة إلى جدهم الأول نبي الله يعقوب، وعاش بنو إسرائيل ومنهم نبي الله يوسف بمصر في أرض جوشن أو جاسان المعروفة الآن بوادي الطميلات، وهو الوادي الزراعي الذي يمتد من شرق الزقازيق بمحافظة الشرقية إلى غرب الإسماعيلية، وذلك حتى ولادة نبي الله موسى عليه السلام، وهو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث ابن لاوي بن يعقوب عليه السلام، وبالتالي فقد جاء نبي الله موسى من نسل لاوي أحد أخوة نبي الله يوسف عليه السلام.
ويوضح د. ريحان أن لقب حاكم مصر في فترة الهكسوس كان "ملكا" وليس فرعونا، وكلمة فرعون كانت لقب كل حاكم مصري وليس حاكما بعينه.
ومن إعجاز القرآن الكريم أنه ذكر حاكم مصر عند الحديث عن قصة نبي الله موسى وفرعون الخروج بلقب فرعون وليس ملكا كما تقول الآية "نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" سورة القصص، إلا في سورة يوسف فقد ذكر حاكم مصر باسم "ملك" كما في الآية التي تقول " وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي" سورة يوسف 54.
"وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ" سورة يوسف آية 43، وهذا يؤكد دخول نبي الله يوسف وإخوته مصر في عهد الهكسوس.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق