-->

العهدة العمرية وبناء المسجد الأقصى




توقفنا في الموضوع السابق عندما اشتدت الحرب علي الرومان فطلب البطريرك من سيدنا أبي عبيدة أن يأتي سيدنا عمر بن الخطاب ليستلم مفاتيح بيت المقدس بنفسه 
فأرسل أبي عبيدة إلي عمر بن الخطاب فكان الرد عليه من أمير المؤمنين " أنا آتيك " فذهب عمر إلى بيت المقدس ولم يأخذ معه أحد سوي غلاما واحدا وكانا معهم حمارا واحد يتبادلان ركوبه حتى إذا جاء مدخل المدينة كان مرة الركوب عند الغلام وكان هناك بها أرض تعرض لها عمر بن الخطاب وهذه كانت صفته عندهم فلما رأي البطريرك ذلك قال هؤلاء لايهزمون  أبدا هؤلاء ليس للدنيا في قلوبهم نصيب فتحرك أبي عبيدة ناحية أمير المؤمنين وقال إن عظماء القوم ينظرون إليك كيف تدخل بهذه الطريقة فضرب عمر بن الخطاب ابي عبيدة علي صدره وقال " لولا غيرك قالها إننا كنا قوما أذلة فأعزنا الله عز وجل بالإسلام ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله " وكان ذلك عام ٦٣٧ م / ١٦ ه‍ حيث تم الإتفاق على صلح عرف بالعهدة العمرية وهو محفوظ حتى الآن في كنيسة القيامة وظل يطبق حتى القرن ال٢٠ حتى سقوط فلسطين في يد الإنجليز عام ١٩١٧ م في تلك العهدة أمنهم فيها أمير المؤمنين علي أرواحهم وممتلكاتهم وأموالهم ولا يسكن معهم أحد من اليهود  وهذا الشرط الأخير وهو ألايسكن معهم أحد من اليهود طلبه بطريرك الروم وأقره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم بقية العهدة أن يدفع أهل إيلياء وهي فلسطين الجزية ومن حارب المسلمين من الروم واللصوص الرومان أمنهم أيضا علي أرواحهم بل ومن أراد أن يحارب المسلمين فيما بعد فهو آمن أيضا وشهد علي هذه العهدة عدد من الصحابة وهم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم جميعاً 
وكانت الجزية وقتها دينار واحد يدفعها الرجل القادر علي القتال حيث لا يدفع الجزية شيخ أو عاجز عن القتال او امرأة أو طفل او معتكف في العبادة وتجول أمير المؤمنين بيت المقدس حتى وصل كنيسة القيامة ودخلها وحان وقت صلاة الظهر فقال له البطريرك أن يصلي داخل الكنيسة فرفض فقال له البطريرك لماذا قال حتى لا يقول المسلمون بعدي هنا صلى عمر فهذه حماية لكنيستكم وبعدها سأل أمير المؤمنين البطريرك عن المسجد الأقصى فقال له تقصد المكان الذي كان يعظمه اليهود قال نعم فدله على الطريق فلما وصل وجده عبارة عن بقايا وألقي فيه القمامة فقام الجيش الإسلامي ومعهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتنظيف المسجد حتى جاء صلاة الصبح في اليوم التالي وكان قد تم تنظيفه فأمر عمر بن الخطاب أن يؤذن بلال بن رباح لصلاة الصبح وهذه كانت اول مرة يؤذن فيها بلال بن رباح الآذان كاملا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بعد الصلاة بدؤوا في بناء المسجد الأقصى وكان بناء خشبيا وكان وقتها يتسع لثلاث ألاف مصلي وبعدها بفترة قليلة غادر عمر فلسطين راجعا إلى المدينة وفي عام ١٨ ه‍ حل بفلسطين طاعون عمواس وكان محل انتشاره بلدة بفلسطين تسمي عمواس وقتل أعداد لا تحصى من الجيش الإسلامي في فترة أقل من سنة فقد الجيش الإسلامي ١٥ او ١٨ ألف مسلم وكان من بين من ماتوا بهذا الوباء ابي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة والفضل بن عباس بن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام وفقد سيدنا خالد بن الوليد من ابنائه في هذا الطاعون ١٨ أو ١٩ وكان في فتح ١٦ ه‍ فتحت فلسطين بالكامل ماعدا قيسارية كانت مدينة حصينة علي البحر المتوسط ويأتيها الإمدادات دائما فتحت عام ١٩ ه‍ بعد انتهاء الطاعون تم فتحها علي يد معاوية بن أبي سفيان والليلة التي وصل فيها الخبر إلي المدينة لم تنم المدينة طوال الليل من الفرحة وهكذا فتحت فلسطين بكاملها .
TAG

عن الكاتب :

ليست هناك تعليقات

إرسال تعليق

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *